أخبار وطنية سيـاسـيـون يـعــــلـــقــون: الاضــرابـــــات «تخنق» البلاد!
يتذمر التونسيون هذه الأيام من تواصل موجة الإضرابات المتعددة التي طال لهيبها قطاعات حيوية وحسّاسة. ووسط تضارب الآراء بين شرعيتها وضربها للقانون، واستماتة الاتحاد العام التونسي للشغل في إقرارها والتهديد بالتصعيد، تكبدت تونس فاتورة باهظة الثمن تمثلت في الشلل الذي ضرب مصالح المواطن وتضاعف حالة الركود الاقتصادي في ظل وضع هش وضعيف على مختلف الأصعدة..
وفي هذا الصدد ارتأت أخبار الجمهورية الاتصال بعديد الأطراف المختصة لمعرفة موقفها من ظاهرة الإضرابات واستبيان ردود أفعالها حولها..
خليل الغرياني: حق الإضراب يشهد انحطاطا وفقدانا لمعناه ومصداقيته
من ناحيته قال خليل الغرياني عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة ان البلاد التونسية مرّت خلال المرحلة الانتقالية بـ4 سنوات صعبة للغاية، حيث شهدت تراجعا في مختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، مشيرا الى أنه رغم هيكلة الاقتصاد الذي أبدى تماسكا نوعيا إلا أن لكل شيء نهاية -وفق تعبيره- نظرا للصعوبات التي نعيش على وقعها اليوم على جميع الأصعدة والمجالات..
كما أعرب الغرياني عن أمله في أن تتعقل جميع المطالب التي يتبين أنها مشروعة ليتم النظر فيها بكل رويّة وتريث ومن مختلف الجوانب، ونتمكن إثرها من العودة إلى مسار النمو والاستقرار الاقتصادي الذي يستفيد منه الجميع.
ومن ناحية أخرى استنكر خليل الغرياني تزايد الإضرابات وتواصلها خاصة في القطاعات الجوهرية والحساسة مشيرا إلى أن هذه الأوضاع التي أصبحنا نشهدها لن تمكن لا الحكومة ولا المنظمات من العمل والتقدم.
وشدد على أن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة رغم احترامه ومساندته لجميع المطالب المشروعة والتي ترتبط بحقوق العمال، إلا انه يستنكر استغلال حق الإضراب المنصوص عليه في الدستور والذي لم يشهد انحطاطا وفقدانا لمعناه ومصداقيته كالذي أصبحنا نراه اليوم حيث أصبح حقا مفرط الاستعمال بدل أن يكون حقا نلجأ إليه وفق تعبيره.
وفي ختام مداخلته أشار الغرياني الى أن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة يحترم كل الأطراف والمنظمات، لكن في الوقت الحاضر لا يمكن الحديث عن منوال اقتصادي وتنموي في هذا الوضع الحساس الذي أصبح يفتقر الى تغليب جانب المصلحة العليا للبلاد.
زياد لخضر: الـوضـع السـيـاســــي والاقتصادي يقتضي الرصانة والحكمة
أما القيادي في الجبهة الشعبية والنائب بمجلس الشعب زياد لخضر، فقد اعتبر أن حاجة البلاد اليوم إلى الاستقرار على مختلف الأصعدة إلى جانب حق الأشخاص في الإضراب والمطالبة بطلبات مشروعة هما من المسائل الهامة والتي لا يمكن عدم الاكتراث لهما، مشيرا إلى أن مطالب قطاع التعليم الثانوي حساسة ومشروعة لكنها كانت معاقبة دائما بعدم استجابة النظام الدكتاتوري سابقا كما أن الرأي العام لم ينصفها.
كما اعتبر لخضر أن الوضع السياسي والاقتصادي حاليا يقتضي الرصانة والحكمة حتى تجد جميع الأطراف الآليات الحقيقية للتفاهم وتحقيق المعادلة لتتجسد بعدها المطالب المشروعة من ناحية والاستقرار من ناحية أخرى، مشيرا إلى ضرورة فرز المطالب المشروعة من المطالب غير المشروعة.
حسين الديماسي: هذه انعكاسات ممارسات الاتحاد العام التونسي للشغل
أكد الخبير الاقتصادي حسين الديماسي أن الإضرابات والاعتصامات المتزايدة والمتواصلة التي أصبحنا نشهدها اليوم، سوف تساهم بشكل كبير في حدوث مضاعفات جدّ سلبية وسيئة على اقتصادنا الوطني الهش والضعيف والفاقد للنمو المنعدم أحيانا في بعض القطاعات.
وأضاف الديماسي مفسرا بان ضخ الأموال الطائلة والـ»زائدة» في الأجور والمنح في إطار اقتصاد فاقد للنمو سيؤدي حتما إلى حدوث 3 انعكاسات اقتصادية خطيرة سيكون وقعها على جميع الأطراف وخاصة المعنية بالزيادات، وتتمثل في التهاب الأسعار وتضخمها وانهيار الدينار إضافة إلى مشكل التداين..
وفي سياق متصل، استنكر الخبير الاقتصادي المفارقات والتناقضات الواضحة في ممارسات الاتحاد العام التونسي للشغل والسياسات التي بات ينتهجها، فمن ناحية يبدي استعداده للمساهمة في استتباب الأمن السياسي عن طريق مشاركته في الحوار الوطني، ومن ناحية أخرى يسهم بقدر كبير في اختلال الأمن الاجتماعي للبلاد نتيجة لتحريضه وحثّه على الإضرابات المتواصلة..
كما اعتبر الديماسي أن الدعوة التي يقوم بها الاتحاد بمطالبته بتحسين المقدرة الشرائية للأجراء والشغالين وتفعيل العدالة الاجتماعية ـ في ظل علمه بالوضعية الاقتصادية التي نعيش على وقعها ـ، ستساهم تبعا لذلك في انخرام وتدهور الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد وتصاعد وتيرة الاحتدام الاجتماعي والجيلي وفق تعبيره.
المولدي الجندوبي: الاتحاد اعتاد على رشقه بالتهم
بدوره قال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المولدي الجندوبي ان الاتحاد اعتاد على تراشق التهم عليه بتعطيل مسار عمل الحكومات على شاكلة «حط العصا في العجلة»، مشيرا إلى أن الاتحاد يعمل دائما على الحدّ من صيغة التوتر والسعي إلى إيجاد الحلول العاجلة حتى تتفق جميع الأطراف وتنصرف إلى العمل.
كما استنكر الجندوبي ردود الأفعال المتباينة التي تعترض حق الإضراب وتنتقده مشيرا إلى ضرورة مراعاة حق الأجير والعامل، في مطالبته بحقوق مشروعة وقانونية والإيفاء بالوعود والتعهدات التي أطلقت عليه..
منصف السلامي: يجب اجتماع جميع الأطراف المعنية على طاولة الحوار
من جهته أكد القيادي بحركة نداء تونس والنائب في مجلس الشعب المنصف السلامي أنه على الحكومة التدخل لتهدئة الموقف والتقليص من حدته ووطئته خاصة في ظل هشاشة الوضع الاقتصادي والسياسي، مشددا على ضرورة فرز المطالب المشروعة من المطالب غير المشروعة ووضعها فوق الطاولة التي يجب أن يجتمع حولها كل من الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية واتحاد عمال تونس حتى يتم التدارس والتناقش وإيجاد الحلول الكفيلة..
كما اعتبر السلامي أنه يتوجب على الحكومة التصريح بجميع إمكاناتها المتاحة في إطار الشفافية والمصداقية حتى تتحمل جميع الأطراف مسؤولياتها ولا تطلق الوعود جزافا. من ناحية أخرى استغرب السلامي تقصير الاتحاد العام التونسي للشغل في الدعوة إلى العمل والحث على الإنتاج والإنتاجية التي بتنا نفتقر لهما اليوم، مشيرا إلى ضرورة تحمل الاتحاد المسؤولية والتعقل في مدافعته عن العمال حتى لا تضيع القضية.
كما عبر منصف السلامي على تخوف عديد رجال الأعمال من انجاز مشاريع لا ترتقي إلى تطلعاتهم في ظل غياب عامل الإنتاج والإنتاجية، وهو ما أدى إلى عزوفهم عن الاستثمارات في تونس وبالتالي تفاقم مشكل البطالة والفقر.
إعداد: منارة التليجاني